استطاعت المرأة في الريف أن تستغل كل الموارد الطبيعية من حولها من أجل أن تسهل وتيسر الحياة على زوجها وأن تجعل منها حياة هانئة سعيدة فهي التي تجمع الحطب والروث وتقوم بحلب الأغنام والأبقار وتعد الطعام والخبز وتشارك في الزراعة وجني المحاصيل وكثير من الأعمال الأخرى حتى أنها وبصبرها وخبرتها وقدرتها استطاعت أن تطوع وتستغل التراب والماء من أجل إيجاد أدوات بيتية تقوم من خلالها بتوفير المال على زوجها فتخفف عن كاهله عبء شراء مثيلاتها من السوق من هذه الأدوات.
- الطابون
لم يكن الريفي وهو الذي يفلح الأرض وينتج القمح ليشتري الخبز من السوق، أو تلجأ زوجته إلى الفرن كي يقوم بإعداد الخبز لبيتها. ولذا لم يكن بيت من بيوت القرية يفتقد إلى الطابون وهو مكان إعداد الخبز لبيت القروي.
تجمع المرأة التراب الأبيض من الأرض وتحرص على أن يكون من مستوى منخفض نسبيا؛ أي على عمق في الأرض ليكون فيه ما يسمى (العرق). أي قوة التماسك عند جبله بالماء، وتحضر قليلا من التبن (سيقان القمح بعد دراسته وتنعيمه). ثم تقوم بعد ذلك بجبل الخليط بالماء. وعند الانتهاء تبدأ المرأة بصناعة القاعدة للطابون بقطر يصل في الغالب إلى 75سم. وعند الانتهاء تترك القاعدة لتجف على مدى ساعات من النهار. بعدها تبدأ المرأة ببناء حائط الطابون على أطراف القاعدة، وهنا تلزم الدقة وتتجلى المهارة، فجدار الطابون يتسع أكثر من القاعدة في العشرين سنتمتر الأولى. ثم تبدأ المرأة وبالتدريج بإمالة الجدار إلى الداخل حتى تصل إلى فوهة الطابون ولا يتجاوز قطرها 50سم، تستخدم لذلك يدها وقطعة خشبية لجعل الجدار أملسا بعد استخدام تراب أبيض أكثر ليونة من السابق.
عند الانتهاء تترك المرأة الطابون كي يجف بشكل كامل وتصنع بعد ذلك الغطاء لفوهة الطابون؛ وهو غطاء دائري مثبت في وسطه قطعة من خشب أو معدن كمقبض للإمساك بها عند فتح أو إغلاق الطابون.
بعد تمام جفاف الطابون تعد المرأة المكان الذي سيوضع فيه الطابون للاستعمال، فتوقد فيه النار حتى تنتهي وتصبح رمادا وجمرا، عند ذلك يحمل الطابون ويوضع فوق الجمر والرماد، ثم تضع من حوله المواد القابلة للاشتعال من التبن والقش والروث الجاف والحطب، وتوقد كل ذلك حتى إذا ما انتهت شعلة النار قامت المرأة بتوزيع الرماد الساخن وبقايا الجمر الخفيف على جدار الطابون وتزيل عن الغطاء كل البقايا ويصبح الطابون جاهزا للاستعمال.
- الهشة
وهي الجرة الكبيرة المستعملة للماء في المنزل. وتقوم المرأة بتصميمها وصناعتها من التراب الأبيض وتجفيفها. وعند تجميع أكبر قدر من هذه الأدوات تجمع النسوة أدواتهن ويقمن أو يقوم الرجال بإعداد كمية كبيرة من المواد المشتعلة وتوضع هذه الأدوات بينها وتشعل النار لساعات طويلة حتى يتم حرق هذه الأدوات لتصبح أقرب ما تكون إلى شكل الفخار. بعد ذلك تقوم كل امرأة بنقل أدواتها إلى المنزل، ومن هذه الهشش ما يتسع إلى مائة لتر من الماء.